تُعد السقايات جزءاً من التراث الإنساني الذي ما يزال محفوظاً حتى يومنا هذا، اتخذت الأنهار في كربلاء كمورد لمياه الشرب فقد كان البائعون ينقلون الماء بالقرب على ظهور الدواب من نهر الحسينية ثم يبيعونه في الأسواق والمحلات، ومعظم الناس الذين يشترون هم المقتدرون من التجار والمتنفذين، وكانت حرفة السقاية منتشـرة في العهود السابقة، والبعض من السقائين يجلبون الماء من النهر ويضعونه في حُباب خزفية تغرس في أرضية خان الباشا قرب الصحن الحسيني الشريف بجوار دور السادة آل النقيب، لكي يبرد الماء، وفي الصباح يأتي كلُّ سقاء فيحمل الماء في جرَّته ليوزعه على الزوّار في الصحنين المطهَّرين. غير أنَّ كربلاء كانت تعاني أحياناً من الجفاف والظمأ، فقد ينقطع منها الماء طيلة أربعة أشهر وكانت معظم بساتين كربلاء قد حُفِرت فيها الآبار المبنية بالآجر، لسقي البساتين والمزارع.

        يشير الرحالة تكسيرا الذي زار كربلاء يوم  24  أيلول سنة 1024هـ إلى ذكر السقاة الذين كانوا يسقون الناس الماء في سبيل الله وطلباً للأجر وإحياءً لذكرى الإمام الحسين -عليه السلام- الذي قُتل عطشاناً في هذه البقعة من الأرض ويقول أنَّهم كانوا يدورون بقِرَبهم الجلدية الملأى بالماء وهم يحملون بأيديهم طاسات النحاس الجميلة .... الخ

اتخذت السقايات أهمية كبيرة في المدينة وبخاصة أنَّ الفقراءَ من الناس لم يحصلوا على الماء النَّقي الصالح للشـرب، فقد أجاز بعض الفقهاء أنَّ مياه هذه السقايات هي لهم دون غيرِهم، لذا عمد أهلُ الخير والموسرين إلى إنشاء عدد من السقايات سواءً في الصحنين المطهّرين أو في بعض الأسواق والمساجد والمباني العامة؛ وهذه السقايات تحكي تاريخ الإنسان، وما خلَّفه من صدقةٍ جاريةٍ تركها المؤمنون للقادمين، وبعض هذه السقايات نقشت عليها آيات قرآنية أو أبيات شعر أو غير ذلك.

إنَّ هذه الأمة الحيَّة تعتزُّ بتاريخها المجيد من خلال هذه الآثار والعلائم التي تفضُّ على الأجيال ذكريات الزمن الغابر؛ وهذه السقايات أُزيل معظمها مع الأسف بسبب تطور الزمن. وهي كما يأتي :

1ـ خزان أحمد شكري: في سنة 1264هـ قام الوزير أحمد شكري بك بن المشير محمد نجيب باشا بإنشاء خزان لشرب الماء في الجهة الجنوبية من الصحن الحسيني ، عند مدخل باب القبلة ، وقد أرَّخ هذا السبيل الأديب عبد الباقي العمري بقصيدة مثبَّتة في ديوانه (الترياق الفاروقي) مطلعها :  

أحمد من أنشأ هذا السبيل      وروَّق المنهل لابن السبيل

ومادة التاريخ هي :

ورَقَّ لمّا راقَ تاريخه            (لأحمد الحوض مع السلسبيل) 1264هـ

2ـ سبيل الروضة الحسينية: يقع في الركن الجنوبي الشرقي من صحن الإمام الحسين -عليه السلام- وهو الذي أمرت بتشييده والدة السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1282هـ وأرَّخ عام تشييده الشاعر عباس القصَّاب الكربلائي بقوله:

سلسبيلٌ قد أتى تاريخه           (اشرب الماءَ ولا تنسَ الحسين) 1282هـ

سبيل والدة السلطان عبد المجيد العثماني 

3ـ سبيل الروضة الحسينية: يقع بالقرب من مئذنة العبد، مقابل غرفة ادارة الحفَّارين، تولّى انشاءه المرحوم الحاج حبيب آل حافظ المتوفى سنة 1287هـ ، أوقف بعض الأطيان لهذا الخزان، الذي يدار من قبل فرّاش الصحن.

سبيل الروضة الحسينيةالذي يقع بالقرب من مئذنة العبد 

4ـ سبيل الروضة الحسينية: يقع هذا السبيل عند باب قاضي الحاجات في صحن الإمام الحسين -عليه السلام- مقابل سوق العرب أنشأه الحاج فيض.

5ـ سبيل الروضة العباسية: يقع هذا السبيل على الجهة اليمنى من الصحن الشريف عند مدخل شارع العلقمي.

6ـ سبيل الروضة العباسية:  يقع هذا السبيل على يسار الداخل إلى الصحن من باب الإمام الحسن -عليه السلام-

7ـ سبيل الروضة العباسية: يقع هذا السبيل إلى الشمال الغربي من الصحن، باتجاه محلَّة باب بغداد.

8ـ سبيل الحاج علي شاه: يقع هذا السبيل في محلة باب النجف، في عگد الدجاج الذي يربط سوق الصفارين القديم بسوق الميدان، أنشأه المرحوم الحاج علي شاه سنة 1324هـ وبعد مضـي زمن على انشائه أرَّخه الشاعر السيد مرتضـى الوهاب بهذه الأبيات التي نقشت على الكاشي الكربلائي :

أنشأ علي شاه من مآثره                  سقايةً وردها من العسل

يجري بها الماءُ بارداً عذباً                   من منهلٍ بالرَّحيقِ متصل

باسم الحسين استهل تاريخاً             (يفيض بالطف سَلسبيلُ علي)1324هـ

وقد ظل هذه السبيل يزود الأهالي بالماء البارد العذب وبخاصة أيام الزيارات وفي موسم الصيف حتى يومنا هذا.

9ـ سبيل الحجة: يقع هذا السبيل في سوق التجار، وهو خارج من دار العالم الكبير محمد باقر الحجة الطباطبائي المتوفّى سنة 1331هـ.

10ـ سبيل صبابيغ الآل: وهو خارج من حسينية صبابيغ الآل التي تقع في شارع الإمام علي-عليه السلام- مقابل الحديقة العامة، أنشأه المرحوم محمد علي غفوري سنة 1379هـ / 1959م

11ـ سبيل زميزم: يقع  هذا السبيل في شارع العباس-عليه السلام- ، جنب مسجد آل زميزم ، أنشأه المرحوم مجيد آل زميزم في شهر رمضان سنة 1350هـ / 1931م.

12ـ سبيل المجاهد: يقع في زقاق الرئيس، خارج من مرقد العلامة السيد محمد المجاهد الطباطبائي المتوفّى سنة 1241هـ، انشئ من قبل المحسنين في الأربعينيات وهُدم في الستينيات.

13ـ سبيل صنف القندرچية: يقع هذا السبيل في سوق العباس (الصاغة) بالقرب من مقهى مهدي بقاوه، انشئ في الستينيات، وهو خارج من محل الملّا هادي الصائغ، كتب تحته هذان البيتان بعد تجديده، وذلك سنة 1379هـ:

سقايةٌ للماءِ قد انشئِتْ        بفضلِ أهل الحلِّ والعَقْدِ

ومَن بنى سقايةً مثلها        دعا اليه الناسُ بالحمدِ

14ـ سبيل المغتسل: يقع مقابل مغتسل المخيم القديم، خارج من مسجد السيد هاشم فتح الله آل طعمة، انشئ سنة 1345هـ ، يغطيه سقف محمول على الأقواس وجدرانه تمتاز بزخارف نباتية.

15ـ سبيل العجيل: يقع في سوق باب الخان، خارج من دار المرحوم الدكتور روكان العجيل انشئ في الستينات.

16ـ سبيل الأحمدي: يقع هذا السبيل في دورة صحن العباس، مقابل جامع الأحمدي، وهو خارج من محل الحاج علي الحلاق، انشئ في الخمسينات.

17ـ سبيل علي الاكبر: يقع في شارع على الأكبر، مقابل محل الحاج محمد علي أبو الفرفوري أنشئ في الخمسينات.

18ـ سبيل الحاج ماهي كليب: يقع في سوق العلاوي، خارج مسجد الحاج ماهي كليب السلامي ، انشئ مع تجديد بناء المسجد في الأربعينات.

19ـ سبيل ساحة الحوراء: يقع بالقرب من باب علي الهادي لصحن العباس -عليه السلام- وهو خارج من محل السيد مهدي السيد صاحب الموسوي، انشئ في الستينات من قبل أهل البِّر والإحسان.

20ـ سبيل الإمام الحسين: يقع في شارع الإمام الحسين -عليه السلام- خارج من بناية قاعة الرسول الأعظم-صلى الله عليه وآله-، انشئ سنة 2004م.

21ـ سبيل سيد الشهداء: يقع في باب طويريج، وهو خارج من مسجد سيد الشهداء المقابل للگراج الموحّد، والمحاذي لمجسَّر الإمام الحسين -عليه السلام- أنشئ سنة 1420هـ / 1999م.

22ـ سبيل تاج دار باهو: إنّ هذا السبيل انشأته الأميرة الهندية تاج دار باهو سنة 1312هـ حيث يتوافد الكثير من الناس يرتوون من هذا السبيل، وهو يقع في شارع السدرة خارج من الرباط الفخم، وكانت جدرانه تمتاز بزخارف نباتية جميلة، ومما يجب ذكره أنَّ الرباط والسبيل هدم اثر توسيع شارع السدرة سنة 1368هـ / 1947م وقد أصبح الجزء المتبقي منه ساحة تقام فيها المناسبات الدينية.

23ـ سبيل الإمام علي-عليه السلام- : يقع في رأس سوق التجار مقابل محل الحاج حسن أبو المسامير من جهة شارع الامام علي -عليه السلام- ، انشئ في الستينات.

24ـ سبيل الحاج مهدي: يقع في سوق التجار خارج من دار الحاج مهدي الصائغ انشئ في الخمسينات حتى أواخر السبعينات، نقشت حوله آيات قرآنية بالكاشي الكربلائي.

25ـ سبيل آل طالب: يقع في سوق المخيم، خارج من دار المرحوم السيد حسن آل طالب، انشئ في الأربعينات وهدم في الستينات.

26ـ سبيل آل شمسه: يقع مقابل مقام المخيم الحسيني، وهو خارج من دار آل شمسه الأسرة النجفية المعروفة، انشئ سنة 1355هـ / 1936م ، وهدم سنة 1958م.

27ـ سبيل شريفة: يقع في شارع العباس مقابل سِيِف الحاج سعد قندي، أنشأته شريفة بنت سلمان المعلم، وهو عبارة عن تانكي شكله دائري وطويل يستوعب قالب ثلج صيفاً، صنع من الستينلس ستيل الخالص ، وعليه قبّة ومئذنتان، تاريخ انشائه سنة 1968م، وأوصت المعلم الشاعر الشيخ عبد الكريم الكربلائي ومن بعده الحاج موسى الحلّاق على ادامته.

28ـ سبيل باب الشهداء:  يقع هذا السبيل بالقرب من باب الشهداء لصحن الإمام الحسين -عليه السلام- وفي بداية شارع علي الاكبر، أنشأه أهل البِّر والإحسان في الستينات سنة 1388هـ ، تعلوه زخارف جميلة وتحيطه أبيات نقشت على الكاشي الكربلائي للشاعر مرتضى الوهاب وهي :

عينُ ماءٍ سلسبيلٍ بالطفوف انبجستْ           نبعُهُ  يجري من الفردوس عذباً كوثرا

ليروي أرضَ قومٍ  نصروا الدين بها            وقضوا فيها ظماءً فوق بوغاء الثرى

من روى التسنيمَ بالحاير من تاريخه             (سلسبيل لعطاشى كربلا شهداً جرى) 1388هـ

29- سبيل الموقف: يقع هذا السبيل في المكان الذي يُعرف بموقف الإمام الحسين-عليه السلام- وعمر بن سعد في محلّة باب السلالمة، أنشأه أهلُ الخير والإحسان في مطلع الخمسينيات، ثم شمله الهدم، وأنشئ على أنقاضه مقام موقف الإمام الحسين-عليه السلام- وعمر بن سعد.

30- سبيل صاحب الزمان: يقع هذا السبيل عند باب صاحب الزمان لصحن أبي الفضل العباس-عليه السلام- أنشئ من قبل مديرية الأوقاف سنة 1388هـ وقد زيِّن بالكاشي الكربلائي وكتب عليه بيت للشاعر الشيخ محسن أبو الحَب الكبير المتوفّى سنة 1305هـ:

إذا كان ساقي الناس في الحشر حيدرٌ                فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضلِ

سبيل ساحة المخيم 

بقلم: السيد سلمان هادي آل طعمة 

مركز تراث كربلاء