مركز تراث كربلاء
شذراتٌ من حياة الفقيه الأديب السيد نصر الله الحائري
التاريخ : 4 / 6 / 2017        عدد المشاهدات : 1308

عالمٌ جليل ، محدِّثٌ أديب ، و شاعرٌ خطيب ، كان من أفاضل أهل العلم بالحديث ، متبحرٌ في الأدب والتاريخ ، حَسِن المحاضرة ، جيّد البيان ، طلِق اللسان ، ماهرٌ بالعربية ، له مؤلفاتٌ مذكورة ، وديوان شعر جمعه السيد حسين رشيد.

 هو السيد أبو الفتح ، نصـر الله بن الحسين بن علي بن إسماعيل آل طعمة من آل فائز الموسوي الحائري . ولد في مدينة كربلاء المقدسة عام 1109 هـ ، درس في مدارسها وتخرَّج على يد أشهر علماء عصـره ، حتى أصبح  من علمائها الكبار؛ بيته مأوى للوافد والقاصد ، يجتمع عنده العلماء من كربلاء والنجف الأشرف و بغداد . كان يلقي دروس الفقه في حرم الإمام الحسين -عليه السلام-  فيحضـر درسه المئات من الأفاضل العراقيين والمهاجرين ؛ وصل صيتُه إلى ايران فدعاه السلطان نادر شاه لزيارتها ، سافر إثرها عدَّة مرات وكان نادر شاه يحبه ويكرمه ، فقد اشتهر السيد نصـر الله الحائري بالتسلط العلمي ، والاطلاع الفقهي على كلِّ المذاهب الإسلامية.

تتلمذ وتخرَّج على يديه كثيرٌ من العلماء وطلبة العلوم الدينية والشعراء نذكر منهم : السيد عبد الله سبط السيد نعمة الله الجزائري، والشيخ أحمد النحوي الشاعر، والسيد حسين ابن المير رشيد التقوي الحائري ، وشرف الدين محمد مكي ابن الشيخ ضياء الدين بن شمس الدين ، السيد شبَّر بن محمد بن ثنوان ، والشيخ عبد الله بن نور الدين السماهيجي، والشيخ علي بن عبد الحسين البحراني ، والشيخ محمد بن محمد التقي البرغاني (الملائكة البرغاني) ، والشيخ علي بن عبد الحسين البحراني وغيرهم.

سافر السيد نصـر الله إلى أماكن شتى من أجل نشـر علوم أهل البيت -عليهم السلام- منها إلى زيارة مكة المكرمة عن طريق البصـرة ونجد ، وسافر السيد أيضاً إلى زيارة ثامن الأئمة علي بن موسى الرضا -عليه السلام-  مرات عديدة ، وفي احداها ونقلاً عن السيد عبد الله الجزائري قال أنّه رآه يُدرّس كتاب الاستبصار ببلدة قم المقدّسة ويحضـر درسه جمعٌ كثير من الطلبة وغيرهم اعجاباً بحسن منطقه , وفي أحد أسفاره مرَّ بإصبهان واشترى مجموعةً من الكتب قُدِّرت بأكثر من ألف كتاب في علوم مختلفة ، ونسخ بيده بعض الكتب التي لم يرضَ صاحبُها أنْ يبيعها له ، وكانت للعلامة المجلسي.

قال فيه تلميذه ، الشيخ الشاعر أحمد النحوي:

شيخي نصرُ اللِه ذا المفاخرْ                                  الطاهرُ القلبِ جميلُ الظاهرْ

سُلالةُ الأمجادِ نجلُ المصطفى                                     وآلهِ المستكملينَ الشَّرَفا

الواهبُ البيضَ الهجانَ مُثقلهْ                                      وكلُّها يلزمُ بعدها صِلهْ

إلى أن قال:

أعلى بناءَ مجدِهِ وشيَّدا                                     على الذي ينقل منه اقتَصَدا

شاى الوَرى بالفضلِ جيلاً جيلا                         وهو بسبقٍ حائزٌ تفضيلا

وهو كما أولانيَ التَّبجيلا                                          مُستوجبٌ ثنائيَ الجميلا

 

وذكر جامع ديوان السيد الحائري أنَّ الشيخ الشاعر أحمد خازن حضـرة أبي العباس- عليه السلام - قد امتدح السيد بقصيدة فأجابه السيد بقوله :

أ لآلئٌ نُظمتْ مع المرجانِ                                 في جيدِ ظبيٍ فاترِ الأجفانِ

أم ذي عروسُ الرَّوضِ جلَّلها الحيا                               فاحمرَّ خدُّ شقائقِ النعمانِ

أمْ نسمةٌ سَحَراً سَرَتْ فتمايلتْ                                    منها قُدود عرائسِ الأغصانِ

أخطأتُ بل هذي قصيدةُ ماجدٍ                                    نُصبتْ مساندُهُ على كيوانِ

أعني به ربَّ المعالي أحمدا                                       ذا الجودِ بلبلُ روضةِ العرفانِ

من حلَّ مفتاحُ الفتى العباس في                                  يدِهِ ففاقَ عُلا على رضوانِ

صلى عليك اللهُ يا عباسُ ما                                     ضحكتْ بروقُ العارضِ الهتَّانِ

ومن قصيدة له  قالها في السيد أحمد بن محمد بن عبيد الله بن حسن بن عياش الكاظمي هذه الأبيات :

سلامٌ في الغدوِّ وفي الرَّواحِ                                على ابن محمدٍ ربِّ السَّماحِ

فتى ربَّتهُ أضآر المعالي                                    وأُرضع درَّةُ المجدِ الصَّراحِ

له خطٌّ يحاكي الشُهبَ حُسناً                                     ووجهٌ مشرقٌ شبهُ الصَّباحِ

تراهُ كالهلالِ إذا تبدَّى                                             يُشار إليه من كلِّ النواحي

فلا زالتْ تغرِّدُ في حمِاه                                 قَماري السَّعد في روضِ الفلاحِ

أما استشهاده -رحمه الله- فكان عندما سافر كعادته لبثِّ الألفة بين المسلمين ونشـر معالم الاسلام عند في ديار الروم فانتشـرت شائعة كان القصد منها تصفيته ، لأن الاعداء لا يطيقون وجود شخصية بهذه القدرات وهذا النبوغ وهذا المقام ، ولو أُتيح له أن يبقى ويتصل بعلماء المسلمين وعلماء النصارى لربما احدث ثورة كبرى هناك ..في المرحلة الاولى نشـروا خبراً بأن نادر شاه قد قُتل ، فدبت حالة من الفوضى شعر عندها السيد نصـر الله الحائري بالخطر، بعدها قام التكفيريون والنواصب بقتل السيد –رحمه الله-  ومزّقوا بدنه وقطعوا أعضاءه ؛ ولما وصل الخبر إلى سلطان الروم اغتاظ لفعلهم ، فقتلهم وأحرقهم ، ثم جمعت اجزاء بدن السيد ، ودُفن في ديار تركية في منطقة خاصة بتركيا في عام 1166 هجرية ، ليلقى الله تعالى شهيداً في خدمة مبادئه وأئمته –عليهم السلام- وله مزار معروف هناك يتبرك به المسلمون .

مركز تراث كربلاء

أ.م.د ميثم نصر الله الحائري


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :