مركز تراث كربلاء
المجتهد الكبير آية الله العظمى السيّد الميرزا محمّد هادي الخراساني الحائري
التاريخ : 4 / 6 / 2017        عدد المشاهدات : 1689

كربلاء مدرسة العلم والعطاء, درس وتخرَّج منها العديد من المفكرين والعلماء والمراجع الكبار, فهي منبعٌ للعلوم والمعارف الاسلامية والفقهية والمعرفية بجميع أصنافها,  بالإضافة إلى كونها نقطة التقاء العديد من الحضارات الإنسانية والأحداث التاريخية قبل وبعد استشهاد سبط الرسول الأكرم –صلى الله عليه وآله وسلم- الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) حتى يومنا هذا.

وإذا تأملنا تاريخ هذه المدينة المقدسة نجد قائمة طويلة من العلماء الأعلام والمفكرين الذين سكنوا فيها ودرسوا في مدارسها وتحت أيدي علمائها الكبار حتى أصبحوا بدورهم علماء ومراجعَ يعتزُّ ويفخر بهم العالم الاسلامي.

ومن بين هؤلاء الأعلام نتحدث عن آية الله السيد محمد هادي الخراساني- أعلى الله مقامه- هو السيد ميرزا محمد هادي بن السيد علي بن السيد محمد الخراساني الحائري، أحد الأعلام البررة , عاش حياةً زاخرةً بالعلم والعطاء، فقد كان قدوة العلماء المتبحِّرين، وسيّد الفقهاء والمجتهدين، وعمدة العلماء العاملين. ومن نخبة الأفاضل والمجتهدين.

ولد في مدينة كربلاء في اليوم الأول من ذي الحجة سنة 1297 هـ , لأسرةٍ كانت تُعدُّ من أكبر الأسر التي عرفت بالعلم والمعرفة , حيث نبغ منها عدد من العلماء والمفكرين منهم والده السيد علي البجستاني و ولده السيد مهدي, وقد امتازت بانفتاحها على بقية الأسر العلمية الأخرى في المدينة. فنشأ بين أحضان والده, فكانت نشأته الأولى  في الروضة الحسينية المقدسة؛ ختم القرآن الكريم ولم يبلغ العاشرة من عمره؛ تتلمذ على أيدي أعلام الحوزة العلمية في مدينة كربلاء منهم: والده، والسيد تقي الشيرازي, والشيخ موسى القزويني, و الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي؛ ثم هاجر إلى سامراء وحضـر الدرس  عند نخبةٍ من علمائها الكبار, وبعد ذلك هاجر إلى النجف الأشرف ودرس أيضاً عند علمائها الأفاضل ,  بعدها عاد إلى كربلاء بصحبة أستاذه الشيخ الشيرازي في 1336 هـ، وكان معتمده ومرافقه، وقد شاركه في جهاده في (ثورة العشرين) واستقلَّ بعده بالتدريس والإمامة.

درس وتتلمذ على يديه العديد من العلماء الذين أصبحوا قادة الأمة الإسلامية ومفكريها نذكرُ منهم المجتهد الكبير السيد محمد مهدي الشيرازي الكاظمي الموسوي, والعلّامة السيد أسد الله الاصفهاني, و السيد مرتضـى الطباطبائي, والشيخ مهدي الرشتي, وكذلك السيد مصطفى الشيرازي، وغيرهم.

كانت له مواقف جهادية و وطنية في الدفاع عن الوطن والمذهب إبّان الغزو البريطاني للعراق, فيُذكر أنَّه عندما أراد المحتلون تنصيب حاكم انكليزي على الشعب العراقي قرروا إجراء استفتاء عام بشأن الحكومة التي يختارها الشعب العراقي المسلم, حيث كانوا يركِّزون على تنصيب أمير انكليزي لإدارة البلاد فأخذوا يبثّونَ دعاياتهم بوساطة عملائهم , وبهذا الخصوص أصدر الزعيم الأعلى الشيخ الشيرازي فتوى بشأن عدم جواز انتخاب غير المسلم للأمارة على المسلمين؛ ونصُّ الفتوى (ليس لأحدٍ من المسلمين أنْ ينتخبَ أو يختار غير المسلم لأمارة السلطة على المسلمين) فوقَّعها هو و وافقه على ذلك أعلام الأمة ووقعوها، ومن ضمنهم آية الله الخراساني, وبعدها تصدى لقمع الحركة الوهابية في العراق وأصدر في ذلك بلاغاً ونشرة.

خلّف السيّد الخراسانيّ ثروةً كبيرةً و تراثاً خالداً منه مكتبة جمع فيها كمّاً هائلاً من المخطوطات والمؤلفات ما جعلها خزانةً قيِّمة, بالإضافة إلى آثاره المطبوعة نذكر منها: أصول الشيعة وفروع الشـريعة, حاشية على مكاسب المحقق الأنصاري, هداية الفحول في شرح كفاية الأصول, دعوة الحق إلى أئمة الحق، رسالة لسان الصديق. وغيرها من المؤلفات الأخرى من الكتب والرسائل والتعليقات التي كتبها بخطِّ يده.  

تحدث عنه وعن منزلته العلمية ومؤلفاته وحياته العديد من العلماء والمراجع منهم: العلّامة المحقِّق السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي في كتابه (أحسن الوديعة) ما نصّه: إنَّ سماحة عماد الفقهاء الراشدين وسناد الأعلام الورعين الميرزا هادي الخراساني من أساطين أعاظم المجتهدين الجامعين للشـرائط، وهذا في غاية الوضوح كان من أكابر فضلاء المعقول والمنقول، وكان عارفاً برجال التاريخ والحديث والتفسير والعربية، ماهراً في الفنون العقلية والنقلية، تتلمذنا عليه سنين عديدة واستفدنا من جنابه مدَّة مديدة ،وأجازنا بتمام طرقه.

إنتقل إلى جوار ربه في 12  ربيع الأول  1368هـ  في كربلاء المقدّسة، وكان خبر وفاته صدمةً كبيرة لأهالي مدينة كربلاء المقدسة وعلمائها والعالم الإسلامي بأجمعه, شيِّع تشييعا كبيراً ودُفن –قدس سره- في الصحن الحسينيّ الشريف في مقبرة الميرزا موسى الوزير (وسط الطرف الشمالي) الذي يطلق عليه اليوم باب السلام.


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :