مركز تراث البصرة
المحدث البصري الشهير علي بن المديني
التاريخ : 30 / 4 / 2017        عدد المشاهدات : 5746

المحدث البصري الشهير علي بن المديني

عاش المحدث البصري الشهير أبو الحسن، علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد ، السعدي مولاهم والمعرف بابن المديني في النصف الأخير من القرن الثاني وحتى نهاية الثلث الاول  من القرن الثالث الهجري .

ولد سنة أحدى وستين ومئة سنة انقراض دولة الشجرة الخبيثة  [1]، ونشأ في عائلة بصرية الدار مدنية الاصل  ذات علم وفضل فوالده عبد الله بن نجيح السعدي كان محثاً مشهور روى عن غير واحد من مشيخة مالك بن أنس[2] ، وكذا جده جعفر بن نجيح كان محدثاً[3] ،كما له من الابناء أثنان وهما ايضاً من المحدثين وهم عبد الله بن علي بن المديني البصري الذي روى عن أبيه تصانيفه مناولةً وإجازة ،[4] ومحمد بن علي بن المديني البصري  الراوي عن ابيه في اهل البصرة.[5]

أدرك خمسة من أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فقد ولد في عصر الامام الكاظم عليه السلام المولود (128هـ) والمتوفي سنة (183هـ )وقيل( 186هـ)، وأدرك الامام ابي محمد الحسن العسكري عليه السلام المولود سنة( 230ـ 232هـ) فيكون قد شهد حبس الامام الكاظم عليه السلام حينما جيء به الى البصرة في سنة( 179هـ ).[6]

لازم شيوخ البصرة الكبار منذ نعومة أضفاره  فقد سمع عن أبيه ، وحماد بن زيد ، وجعفر بن سليمان ، وعبد العزيز الدراوردي ، ومعتمر بن سليمان ، وهشيم بن بشير ، وسفيان بن عيينة ، وجرير بن عبد الحميد ، والوليد بن مسلم ، وبشر بن المفضل ، ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم كثر.

روى عنه البخاري وأبو داود ، وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.[7]

أقوال العلماء فيه وثناؤهم عليه

قال الخطيب البغدادي : " وهو أحد أئمة الحديث في عصره ، والمقدم على حفاظ وقته .[8]

وقال الذهبي : حافظ العصر ، وقدوة أرباب هذا الشأن وقال أبو حاتم الرازي : كان علي علما في الناس في معرفة الحديث والعلل ، وكان أحمد لا يسميه ، إنما كان يكنيه تبجيلا له ، وما سمعت أحمد سماه قط . وقال ابن عيينة : يلومونني على حب علي ، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني ، وقال أحمد بن سنان : كان ابن عيينة يسمى علي بن المديني حية الوادي ، وإذا أستثبت سفيان أو سئل عن شئ يقول : لو كان حية الوادي .[9]

وقال ابن تغري بردي : كان إمام عصره في الجرح والتعديل والعلل ، وهو أحد الأعلام وصاحب التصانيف .

وقال روح بن عبد المؤمن : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخاصة بحديث سفيان بن عيينة .

وقال النسائي : كأن علي بن المديني خلق لهذا الشأن ، وقال إبراهيم بن معقل : سمعت البخاري يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي المديني ، وقال أبو داود : ابن المديني أعلم من أحمد بالاختلاف الحديث .[10]

وثاقته وعقيدته

قال النسائي : ثقة ،مأمون أحد الأئمة في الحديث ، وخلق للحديث ، وقال أبو زرعة

لا يرتاب في صدقه، وهو من رجال البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي، وقد اخرج عنه البخاري ثلاثمائة وثلاثة أحاديث.[11]

لم تذكره كتب رجال الشيعة زائداً عما ذكرته كتب رجال العامة ، لذا يكون مجهول الحال ، وكذا عقيدته وان كان الظاهر من حاله انه عامي المذهب والعقيدة لكن قد يقال: انه كان يظهر التسنن ويبطن التشيع عملا بمبدأ التقية كما شهد له بذلك صاحبه الذي كان يلازمه يحيى بن معين فقد قال : "كان علي بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع"[12]

وكما يظهر ذلك ايضاً من خلال موقفه من أبي هريرة عند روايته لفضيلة لعلي بن ابي طالب رواها علي بن جعفر المديني ، عن أبيه ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : نظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى علي بن بي طالب ، فقال :" هذا باب الهدى الذي من دخله كان آمنا وهو حجة الله على عباده" .

قال علي المديني : عجبا للمخذول أبي هريرة ، يروي مثل هذا عن نبي الله ، ثم يخالف عليا ويكون مع معاوية .[13]

كما ان اباه عبدُ الله بن جَعْفر بن نَجِيح  المَدَنِيّ من أصحاب الصادق ( عليه السّلام )، وأسْنَدَ عَنْه.[14] ،وهومن حسان محدثي الإمامية ، ضعفه بعض العامة .[15]

عصره ونشاطه العلمي

يعتبر عصره من العصور التي شهدت تتطوراً ونمواً في مجال الحركة العلمية والنشاط المعرفي ؛ إذ في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث دون العلماء كثير من العلوم الاسلامية من الفقه والاصول ، وألفت كتب كثير في السيرة النبوية والمغازي والتاريخ، كما نشط فيها كثرة الحفاظ للاحاديث، ووضعت القواعد لمعرفة صحيحها من سقيمها ، فظهرت في عصره علوم الحديث واسماء الرجال، كما اتسعت رقعة مراكز العلوم الاسلامية وتمركزت في مدن اسلامية كمكة والمدينة والشام ومصر والكوفة والبصرة واليمن وخراسان وواسط وبغداد.

وقد جال ابن المديني في هذه المدن طلب العلم ونشره فقد سافر الى المدينة واليمن والى الكوفة والى بغداد وواسط ، يقول الخليلي : خرج الإمام أحمد إلى مكة ، وصحبه ابن المديني ، ويحيى بن معين ، ثم خرجوا إلى صنعاء ، ثم رجعوا إلى بلاد العراق : الكوفة ، والبصرة ، وواسط ، ثم خرج أحمد إلى الشام وحده .[16]

مؤلفاته

كان علي بن المديني من كبار أئمة الحديث ومن المكثرين في التصنيف ، فقد قال الكتاني .

" الحافظ الثقة ، صاحب التصانيف التي هي نحو من مائتين ". [17]

وقد أحصى  الحاكم في كتابه " معرفة علوم الحديث " :بعض مصنفاته هي كالآتي:

1 - كتاب الأسامي والكنى ثمانية اجزاء

2 - كتاب الضعفاء - عشرة اجزاء

3 - كتاب المدلسين خمسة اجزاء

4 - كتاب أول من نظر في الرجال وفحص عنهم جزء

5 - كتاب الطبقات عشرة اجزاء

6 - كتاب من روى عن رجل لم يره جزء

7 - كتاب علل المسند ثلاثون جزءا

8 - كتاب العلل لإسماعيل القاضي أربعة عشر جزءا

9 - كتاب علل الحديث ابن عيينة ثلاثة عشر جزءا

10 - كتاب من لا يحتج بحديثه ولا يسقط جزءان

11 - كتاب الكنى خمسة اجزاء

12 - كتاب الوهم والخطأ خمسة أجزاء

13 - كتاب قبائل العرب عشرة أجزاء

14 - كتاب من نزل من الصحابة سائر البلدان خمسة اجزاء .

15 - كتاب التاريخ عشرة أجزاء

16 - كتاب العرض على المحدث جزءان

17 - كتاب من حدث ثم رجع عنه جزءان

18 - كتاب يحيى وعبد الرحمن في الرجال خمسة أجزاء .

19 - كتاب سؤلاته يحيى جزءان .

20 - كتاب الثقات والمثبتين عشرة أجزاء

21 - كتاب اختلاف الحديث خمسة أجزاء

22 - كتاب الأسامي الشاذة ثلاثة أجزاء

23 - كتاب الأشربة ثلاثة أجزاء

24 - كتاب تفسير غريب الحديث خمسة أجزاء

25 - كتاب الأخوة والأخوات ثلاثة أجزاء

26 - كتاب من يعرف باسم دون اسم أبيه جزءان

27 - كتاب من يعرف باللقب جزء

28 - وكتاب العلل المتفرقة ثلاثون جزءا

29 - وكتاب مذاهب المحدثين جزءان  .[18]

وفاته

توفي علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني سنة أربع وثلاثين ومائتين يوم الاثنين ليومين بقيا من ذي القعدة بالعسكر ، وقيل سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وقال الخطيب البغدادي والقول

الأول أصح والله أعلم .[19]

وأخيراً:

يبقى ابن المديني أحد أئمة الحديث في عصره ، والمقدم على حفاظ وقته، وعلماً شاخصاً في باب علم الدراية وعلم الرجال وأحد أعلام مدرسة الحديث البصرية وواحداً من الذين لا يمكن لمدرسة الحديث بشكل عام ان تتخطى آرائه ومنهجه في باب التعديل والتجريح ، ويبقى هو من الاوائل من التزم  بالاعتدال والمنهجية المحايدة بطرق التعديل والتجريح في علم الدراية وعلم الرجال بخلاف غيره ممن التزم بتجريح الراوي الشيعي لمجرد انتمائه لا لشيء آخر[20]،  ويبقى ابن المديني هو ممن وعى أهمية  التراث الشيعي والحديث الشيعي لذا قال:" لو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي يعني (التشيع خربت الكتب) ، قال الخطيب البغدادي قوله خربت الكتب: يعني لذهب الحديث".[21]

 

 

 

 

[1] ـ سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ؛ علي بن المديني :ص 13.

[2] ـ الكنى والألقاب:  ج1 ، ص406.

[3] ـ ينظر تاريخ ابن معين ، الدوري، يحيى بن معين:ج1،ص 399.

[4] ـ ينظر تاريخ الاسلام :ج20،ص 119. 

[5] ـ ينظر تاريخ بغداد :ج10،ص 10.

[6] ـ سفينتا النجاة الامامان الكاظم والرضا في البصرة:ص69 .

[7] ـ ـ تاريخ بغداد :ج11،ص 445.

[8] ـ تاريخ بغداد :ج11،ص 445.

[9] ـ تذكرة الحفاظ : ج2، ص 428.

[10] ـ سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ؛ علي بن المديني :ص12.

[11] ـ معجم الرجال والحديث ، ج1، ص 160.

[12] ـ تاريخ بغداد :ج11، ص 460.

[13] ـ المسترشد ، محمد بن جرير الطبري (الشيعي):ص 618.

[14] ـ خاتمة المستدرك ج 8،ص 150.

[15] ـ الفائق في رواة اصحاب الإمام الصادق، الشبستري :ج2،ص 265.

[16] ـ سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ؛ علي بن المديني :ص9.

[17] ـ سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ؛ علي بن المديني :ص9.

[18] ـ سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة ؛ علي بن المديني :ص9ـ11

[19] ـ.تاريخ بغداد: ج 11، ص 445.

[20] ـ ينظر محنة التراث الآخر:ج3،ص 22.

[21] ـ الكفاية في علم الرواية : ص 157.


الشيخ مدرك الحسون


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :